يقول المثل العربي (اختر الرفيق قبل الطريق، والجار قبل الدار).. هذه الحكمة يجب أن يضعها رائد الأعمال في اعتباره عند التفكير في اختيار الشركاء بمشروعه الناشئ، خاصةً وأن هذه الخطوة من أهم النقاط الحاسمة في تحقيق النجاح والانطلاق نحو الأسواق، فإذا كان الشريك متفاهماً وأميناً وحريصاً على ضمان النجاح والوصول للهدف، فإن ذلك يساعد بصورة كبيرة في استقرار المشروع وانطلاقه بسرعة نحو جني الأرباح.. فما هي إذن معايير اختيار الشركاء؟ ومتى يكون فض الشراكة أمراً مطلوباً؟.. الإجابة في سياق التحقيق التالي.
نصائح الخبراء
في البداية، ليس من السهل على رائد الأعمال اختيار شريك مشروعه، خصوصاً إذا كانت الشركة في بدايتها, بالتأكيد سيكون من المتعب أيضاً إيجاد شريك بالمواصفات القياسية، ففي بعض التخصصات قد تجد الكثير من الأشخاص المناسبين لمشاركتك في مشرعك، بينما في بعض المجالات الأخرى قد تجد عدداً قليلاً جداً من الأشخاص المناسبين، وقد يكون الشريك هو أحد أصدقائك أو معارفك، لكن بغض النظر عن علاقتك الإنسانية بالشركاء، فإن الشريك المناسب يضمن نجاح مشروعك ويجعله يصل إلى أوج النجاح والشهرة بسبب بعض الأساسيات التي يجب ان تكون بين المؤسسين للشركة الناشئة، والتي يلخصها الخبراء بصفة عامة في 10 وصايا: التفاهم فيما بينكم، ومعرفة نقاط الضعف، وتحديد عناصر القوة في الشركة، وعدم التخلي عن الآخر إذا حدثت مشكلة ما في الشركة, إبراز الدعم المستمر، المشاركة في الخسائر، والخبرة الكافية في التعامل مع الأزمات، وحسن الإدارة، وتنحية الأمور الشخصية جانباً، والأمانة في التعامل، والحرص على النجاح، وأخيرا فإن اختيار شريك لمشروعك قد يكون نعمة أو نقمة، ويسبب النجاح أو الفشل لذلك أحسن اختيار شريكك بعناية شديدة لمصلحة شركتك الناشئة.
رؤية مستقبلية
في هذا الإطار، يقول محمود حجاج، رائد الأعمال، إنه ليس شرطاً أن يكون شريكك رائد أعمال مثلك، فليس شرطا أن يكون له علاقة بالأعمال الريادية، ومن الممكن أن يكون شخصا يملك المال أو السلطة ولكن أيضاً يجب أن تضع أساسيات لاختيار الشريك المثالي أو على الأقل الشريك المناسب لك الذي يحقق لك الأرباح، وتلك الأساسيات هي الرؤية المستقبلية بحيث يملك نظرة مستقبلية للشركة، ولا يقف عند نقطة محددة واحدة, والثقة بحيث يكون شخصا تستطيع أن تضع ثقتك الكاملة به، ووضع شركتك أو مشروعك بأيدِ أمينة, والخبرة مهمة جدا عند الاختيار، حيث إنه يجب أن يكون الشريك شخصا له علاقة باختصاص الشركة، فمن المهم أن يكون صاحب خبرة سابقة بالمجال، بحيث يفيدك بأكبر قدر ممكن، أو أن تكون لديه تجربة عمل سابقة في نفس مجال الشركة التي بينكم، وأن تكون هناك علاقة تكامل فيما بينكم بحيث يفيدك ويفيد الشركة مثلاً بأخذ آراء من مختصين هو على معرفة بهم أو بجلب مستثمرين أو تجار أو زبائن, كما يجب أن يكون الشريك قادرا على تنظيم الأحداث وحسن الإدراة، بحيث لا يجلب لك عدم التنظيم بأي شكل من الأشكال, فالشريك المناسب عنصر قوة لضمان نجاح الشركة الناشئة.
محاذير الاختيار
ويضيف حجاج أنه بالطبع هناك بعض المحاذير التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند اختيار شريك مشروعك، أهمها أنه يجب أن يكون شريكك مستقراً مادياً بشكل كبير بمعنى أن يكون سجله نظيفاُ من أي ديون متعلقة بالبنوك أو مشروعات مازال هذا الشريك يعمل بها، لأن إذا حدث أي شيء لهذا الشخص ستكون أنت المسؤول الأول أمام هؤلاء الأشخاص، لانك شريكه وبالتالي تتحمل المسئولية معه، لذلك يجب على رائد الأعمال أن يكون متأكدا من عدم تورط شريكه في أي أزمات مالية, ويجب أن تكون أيضاً حريصاً على اختيار شخص غير سيء السمعة، لأنه إذا كان مجتهدا في عمله فإن ذلك لن يفيد بأي شيء إذا كان سيء السمعة، لأن المستثمرين أو الزبائن يفضلون التعامل مع أشخاص محترمين ذوي شأن عالٍ, واحرص أيضاً على اختيار شخص لا يحملك الخسارة كاملةً، بحيث يكون المكسب والخسارة متبادلة بينكما, وفي النهاية احذر من اختيار شخص غير مسؤول.
مصدر نجاح
ويواصل حجاج حديثه قائلا: الشريك قد يكون مصدر نجاح أو فشل للمشروع، بحيث إنه يجب أن يكون مساندا ومؤمنا بنجاح الفكرة رغم الطرق الوعرة، ويجب عليه الالتزام بالاتفاقات والمخططات السابق الاتفاق عليها، وتحمل المسئولية والنتائج ومشاركة الرأي والمشورة لتكتمل النقاط المطلوبة للوصول للهدف الأسمى، وفي المقابل فإن عكس تلك النقاط تجعل الشريك فاشلا، أو يمكن أيضا أن يصبح من أنجح الشخصيات ويتمتع بكل المواصفات، ولكن لا يتمتع بصفة الشراكة والقدرة على التعامل مع المشاكل والمعضلات وعدم المشاركة، فضلا عن القيام ببعض التصرفات غير المسئولة مثل اتخاذ قرارات فردية أو عدم تقدير حجم المشكلات وعدم تحمل مسؤوليتها بحيث يلقي عليك جميع المسئوليات ويكون شريكك بالاسم فقط.
فض الشراكة
أما الدكتور إسلام الصوابي، خبير ريادة الأعمال والتنمية البشرية، فيقول إن الخلافات التي من المفضل أن تنتهي بفض الشراكة هي في معظم الأحوال مواقف وخلافات ومشاكل الشركاء الناتجة عن غياب الاتفاق على عدة أمور، ولنتفق مبدئياً على أنه من الخطأ أن ندع سعادتنا وتحمسنا بوجود شركاء لنا ومشاركتهم للحماس معنا، تعمينا عن أهمية أن تكون كل الأمور واضحة تماما، لأن ما يتم الاتفاق عليه وقت وجود فكرة لا تزال قيمتها صفرا قد لا نكون سعداء به عندما تصبح قيمتها 10 ملايين جنيه، لذلك يجب الاتفاق وكتابة عقد بذلك محدد البنود على النقاط غير المسموح بها، لكي لا يحدث التباس أو شيء غير مرغوب به كفض الشراكة.
دائرة الأصدقاء
ويضيف الصوابي أن اختيار شريك من دائرة المعارف والأصدقاء ليس الخيار الأفضل دائماً، لأن ذلك قد ينشأ عنه الخلط بين الجانب العاطفي والجانب العملي، إلا إذا كان هناك بعض الأشياء المتفق عليها مثل القدرة على الفصل بين الصديق أو الأخ وبين الشريك ليكون هناك أيضاً استقلالية في الفكر، وأن هذا الشخص سيفيدك على الصعيد العملي في المشروع، بحيث يكون شخصية عملية قوية لديها خبرة مسبقة، ولكن إذا لم تتوفر هذه الأسباب القوية لا أنصح شخصياً باختيار شريك من المعارف والأصدقاء لكي لا ينتهي الأمر بفض الشراكة وخسارة ذلك الشخص.