الإبداع هو القوة الدافعة وراء التغيير والتطوير في عالم الأعمال، ويمثل الإبداع القدرة على توليد أفكار جديدة وتحويلها إلى حلول مبتكرة للتحديات المختلفة، وفي سياق ريادة الأعمال، يكون الإبداع عاملاً أساسياً للنجاح والاستمرارية، حيث يمكن أن يساعد في إيجاد فرص جديدة، وتحسين العمليات، وتطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجات السوق بشكل فعّال. يعتمد نجاح ريادة الأعمال بشكل كبير على قدرة رواد الأعمال على التفكير الإبداعي والابتكار، من هنا قررت “كانفاس” أن تطرح السؤال الصعب الذي يبحث عنه كل رائد أعمال شاب وهو كيف أكون مبدعًا؟ .. بالتأكيد الإجابة لن تكون سهلة لكننا حاولنا أن نصل إليها بقدر الإمكان، فكان هذا التحقيق.
في البداية، يمكن للأفكار الجديدة أن تفتح أفاقاً جديدة، وتسهم في تحقيق النجاح والنمو المستدام للمشاريع الريادية، كما أن الإبداع يمثل العنصر الحيوي في عملية ريادة الأعمال، حيث يشكل الدافع الرئيسي وراء إحداث التغيير والتميز في سوق الأعمال. ويوصف الإبداع بالقدرة على توليد أفكار جديدة وتحويلها إلى حلول عملية ومبتكرة تلبي احتياجات العملاء، وتتفوق على المنافسة. ويمكن أن يأخذ الإبداع أشكالًا متعددة، بما في ذلك تطوير منتجات جديدة، واستراتيجيات تسويق مبتكرة، وعمليات إدارية فعّالة، وتجارب عملاء مميزة. وبفضل الإبداع، يمكن لرواد الأعمال الاستفادة من الفرص الجديدة وتحويلها إلى مشاريع ناجحة تسهم في تحقيق النمو والاستمرارية.
في هذا الإطار، يقول الأستاذ الدكتور ياسرشحاتة، أستاذ إدارة الموارد البشرية وخبير التنمية المستدامة، إن وزارة التضامن الاجتماعي عملت وحدة للتكافل الاجتماعي داخل كل جامعة لتساعد الطلاب أو رواد الأعمال لكي يعملوا على أبحاث لمنتجاتهم بطريقة مميزة، ومن خلال هذه الوحدة تبدأ التنمية، كما أن لدينا منتديات مختلفة يمكنني من خلالها كرائد أعمال المشاركة الفعالة والكبيرة من خلال عرض بعض الأفكار التي لدى كل رائد أعمال أو مبدع أو مبتكر.
ويؤكد شحاتة أن الطلاب خلال المرحلة الجامعية يمكنهم تطوير مهاراتهم في الابتكار والإبداع، وهذا ما يجب اقتراحه على كافة المؤسسات لدعم موظفيها في تنمية مهارات التفكير الإبداعي والتفكير النقدي أيضا،، وتطوير المهارات الإبداعية يتطلب إعادة صياغة للطريقة التي نفكر بها. ويتم ذلك عن طريق جزئين، أولا: إنشاء وحدات ومراكز لتنمية التفكير الإبداعي للشباب والجامعات، وقد يكون لدي وحدة مشابهة لما تقوم به وزارة التضامن، فضلا عن مبادرات المنتجات الطلابية ومن خلال ذلك يمكننا صناعة جيل صاحب مهارات متطورة، من خلال المشاركات وورش العمل والأفكار والمسابقات والمنتديات، أما الجزء الثاني فيتمثل في المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة، وهذه المؤسسات قادرة على المساهمة في صناعة جيل مبدع من خلال الأدوات والإمكانات التي لديها، فعلى سبيل المثال يمكن أن يقوم بهذا الدور وزارة الشباب والرياضة، والجهات والمراكز التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ويضيف شحاتة أن الإبداع أعم وأشمل من الابتكار، ورائد الأعمال هو رجل أعمال يقوم بتأسيس مشروع خاص، ومهما كانت نتائجه أو مخاطره، فإن رجل الأعمال مطالب بخلق فكرة، وخلق أفكار ومنتجات حديثة، وخدمات مبتكرة، وهذا يتطلب مواكبة السوق وتنمية المهارات. وهذا جزء من ريادة الأعمال. وفي السياق الأكاديمي، أقول دائمًا أن لها مفهومًا يعتمد على إدارة مشروع تجاري، ليس هذا فحسب، بل يجب أن يجيب عن: لماذا أكسب؟ ماذا أكسب؟ كيف أحقق أرباحًا في جميع النواحي؟ وهناك دائما مخاطر. والحقيقة أن الإنتاج والعمل يشكلان جزءًا لا يتجزأ من فكر ووجدان الإنسان المصري، ولا يتم هذا الإنتاج مع الآلات فقط، ويمكن أن يكون الإنتاج هو إنتاج أفكار، إنتاج فكر إبداعي، فكر مبتكر يساعدني في إنشاء مشاريع أو القيام بمشاريع تجارية حديثة ومبتكرة لم يحققها أحد من قبل.
وتحدثنا إسراء صالح، مؤسسة فكرة مشروع “سوبر أبلة “، وهو منصة لتعليم الأطفال اللغة العربية من سن 3 إلى 6 سنوات عن تجربتها مع تطوير التفكير الإبداعي، بقولها: “حتى أكون مبدعًا يجب أن أستمع إلى صوتي الداخلي وكيف أصيغه، وعندما كنت طفلة كنت أريد أن أكون راقصة لأنني أحب أن أتحرك بحرية وطلاقة، وكلما كبرت أدركت أن هذا الحلم بعيد وكنت أعلم أنني لدي مواهب مختلفة في الرقص والغناء والحكي ومهارات تجارية، وعندما قررت أن أبدأ مشروعي فكرت في أن أدمج كل ما أحب في مشروع واحد وأطلق به مواهبي ومن هنا انطلقت فكرة “سوبر أبلة”.
وأضافت أسراء أن تنمية المهارات الإبداعية تتطلب المزيد من التدريبات، وأنا شخصيًا أعمل دائمًا على تطوير مهاراتي، وإذا قررت أن أكون صاحبة مشروع، فيجب أن أكون على وعي بكل جوانب هذا المشروع، من التسويق والإدراة والمتابعة والتطوير، ولا يجب أن أكون متخصصة في كل الجوانب لكن يجب أن يكون لدي الوعي بكل الأمور، وكانت دراستي في الأصل حقوق إنجليزي لكن قررت دراسة محتوى عن الطفولة المبكرة، وأعمل دائمًا على دراسة المحتوى وكيفية عمل محتوى بأفضل شكلاً، ودراسة طرق صياغة المناهج في الدول المختلفة، وتعلمت أكثر عن “الحكي” حتى أستطيع أن أقدم محتوى بشكل أفضل، وأشجع دائمًا على القراءة المستمرة.
وأكدت إسراء أن أخطر الأشياء التي تقتل الإبداع هو عدم تجربة الأفكار في اختبار حقيقي لها، فيجب أولا كتابتها أو تخريجها بأي شكل وليس من المهم أن تكون تجربتي الأولى ناجحة، لكن يجب أن تخرج الفكرة لكي أقوم باختبارها بشكل حقيقي، وأن أتقبل جميع الآراء، وليس من المهم أن تكون الفكرة مبتكرة بقدر كونها فكرة يحتاج إليها السوق حاليًا.
وذكرت إسراء أن من أخطر الصفات أن يكون الشخص عنيدًا أو لا يريد أن يسمع لأحد، وأن يكون خائفًا من التجربة، ولذلك فإنه لتطوير مهاراتي الإبداعية من وجهة نظري، يجب أن يكون الإنسان شجاعا مع أفكاره، فمثلا أنا شخصيًا أرى أن تعلم فن المسرح يجعلني أقترب من نفسي بشكل أفضل وأقوم بإخراج كل ما فيّ، فضلًا عن تعلم المهارات التي تنمي ذاتي ونفسيتي مثل اليوجا، فنحن كبشر نتكون من مثلث، روح وجسد وعقل، فيجب أن أنمي روحي دائمًا من خلال المحافظة على صلاتي وممارسة اليوجا ومهارات التأمل، أما الجسد فيجب أن أتناول طعامًا صحيًا وألعب الرياضة، وبالنسبة للعقل فيجب أن أتعلم أكثر عن المجالات كلها بشكل عام وأن أتخصص فيما أحب، وأرى أن كل البشر موهوبون بطرق مختلفة، والقراءة والكتابة من المهارات التي تساعد في تنمية أي مهارة، والموهبة لها دور لكن لا يتعدى الـ20% من مقومات النجاح.