فوائد القروض خيالية.. الحل في الفاميلي بزنس!

كتب: محمد صبحي

في عصرنا الحالي يصعب على الشباب الوصول لأحلامهم وتحقيقها بشكل سليم، خاصة ما يتعلق منها بإنشاء مشروعات صغيرة وريادية، حيث يتطلب الأمر دائما قدرات تمويلية كبيرة، لذلك يصاب بعض رواد الأعمال بالإحباط وذلك بسبب العديد من الصعوبات التي تواجههم والعقبات التي تعوق قدرتهم على نقل مشروعاتهم من خانة الأوراق إلى أرض الواقع، مما يجعل بعضهم يلجأ لطرق تمويلية قد تؤدي بهم إلى الفشل أو التعثر، والعديد من المشكلات الأخرى التي نتطرق لها في سطور التحقيق التالي..

تكلفة التمويل

في البداية، يقول الدكتور رشاد عبده، أستاذ الاقتصاد، بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ورئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاقتصادية، إن “تكلفة التمويل” هي أخطر شيء في التمويل، فمثلا تتجه البنوك إلى رفع سعر الفائدة الدائنة والمدينة لإلغاء السوق السوداء، وهو ما أفاد البنوك نفسها وليس المستثمر أو صاحب المشروع، لأنه بعد أن كان يقترض بتكلفة منخفضة فقد أصبحت التكلفة عالية جداً، لذا فإن أكبر مشكلة وأكبر عقبة تقابل المشروعات سواء مشروعات ناشئة أو شركات ناشئة أو غيرها هي ارتفاع تكاليف التمويل، ويمكن لارتفاع التكاليف أن يؤدي إلى خروج الشركة من المنافسة في السوق، كما يعرقل ذلك من خطط  تطويرها، ويمكن أن يصل الأمر لدرجة التعثر والإفلاس.   

أفضل الوسائل

ويضيف عبده أن هناك العديد من الأفكار التمويلية الأكثر أمانا، فمثلا يمكن الاستعانة بشريك بشرط معرفته لأفكاري وموافقته عليها، وألا تكون نسبته مرتفعة حتى لا تكون له نسبة تمثيل مرتفعة في مجلس الإدارة، وهناك فكرة قام بتطبيقها الرئيس السيسي منذ أكثر من عامين حيث طلب من البنوك تمويل مشروعات الشباب بما لا يزيد عن 5% كفائدة، وهي تكلفة منخفضة وجيدة كما طلب رصد مبلغ 200 مليار جنيه من البنك المركزي خلال عدة سنوات لتمكين الشباب من إنجاز مشروعاتهم، لكن البنوك لازالت تطلب ضمانات مرتفعة، وهو ما يشكل عبئاً على الشباب حتى الآن، وتكمن أسباب التعثر في أنه إما لم تكن لديه دراسة جدوى اقتصادية جيدة أو أدت تكلفة التمويل المرتفعة إلى خروجه  من المنافسة أو وجود  منافسين آخرين لديهم قدرة على الحصول على تمويل منخفض أو شراء المواد الخام بتكلفة منخفضة، أو أن لديه نظرة لمعرفة المستهلك الذي يحتاجه.

ضياع الأرباح

أما الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، فيرى أن تكوين رأس المال أمرا صعبا بالنسبة لأي مجموعة جديدة ليس لديها خبرات سابقة، فبالنسبة للشق الشخصي إذا كان التمويل ذاتيا أو تمويل فردي لكل شخص يكون التمويل قليلا أما الشق القانوني فدائماً ما يكون عالي المصروفات بسبب تكلفة التراخيص أو في حالة إيجاد مقر، وفي حالة اللجوء للقروض البنكية فقد تصل فوائدها لحوالي 27%  في فائدة الإيداع وقد تصل فائدة القروض لـ35%، مما يتطلب السداد فيما يقرب من 3 سنوات بدفع حوالي 100% أو 175% شاملة الفوائد في خلال تلك المدة، وهو ما يصعب فعله بالنسبة لمشروع ناشئ لأنه لن يصبح لديه قيمة ربحية، وأي أرباح أو مكاسب سيتم توجيهها فقط  للسداد ولمصاريف دراسات الجدوى أو لمصاريف التشغيل، التي يجب أن تكون مدروسة من المراكز المختصة بدراسات الجدوى.

شروط التمويل

وأكد النحاس على ضرورة عمل تراخيص بيئية وهو ما يصعب فعله أيضا على أصحاب الشركات الناشئة، مشيرا إلى نية الدولة بعمل ما يسمى بمفهوم الشباك الواحد وهو ما يعنى إنهاء كل التراخيص من مقر واحد، لكن فعليا لم يتم تنفيذ الفكرة حتى الآن، ومن هنا تظل المشكلة قائمة في الحصول على تمويل بشكل صحيح وبمبلغ كبير، حيث يشترط وجود مقر كما يتطلب وجود تاريخ سابق للشركة أو للمالك شخصياً في المجال المختص به، ومن المؤسف بالنسبة للمشروعات الناشئة التي تريد الحصول على التمويل اللازم ارتفاع تكاليف التمويل نفسها بشكل زائد في الوقت الراهن، وفي حالة الحصول على قرض كامل فإنه يجب سداده  بالكامل خلال مدة تتراوح ما بين 3 لـ5 سنوات، في حين تذهب أرباح المشروع لتغطية الفوائد البنكية وأصل القرض، فيما يعني دفع ثلث الأرباح كل سنة وهو معدل كبير، ومع الأسف هناك شلل وتعثرات كثيرة للعديد من الشركات في الفترة الحالية.

المبادرات غير كافية

وأوضح النحاس أن مبادرات التمويل التي توفرها الدولة غير كافية لبدء أي مشروعات إنتاجية، بسبب ضعف الصادرات وفشل عمليات التسويق، بمعنى إذا كان العمل في سوق جيد مع منتجات ليست بكفاءة عالية فسيتم البيع بشكل سليم، على عكس حالة السوق غير المؤهلة، فلن يتم البيع بشكل سليم من منطلق المبدأ القائل “حسن السوق ولا حسن البضاعة”.

كثرة الضمانات

 ومن جانبه، يقول الدكتور إسلام الصوابي، خبير ريادة الأعمال والتنمية البشرية، إن أي شركة ناشئة تحتاج إلى رأس مال أساسي في البداية، وفي أغلب الأحيان لا يتوفر رأس المال المطلوب لدى أصحاب الشركة، لذا يضطر للبحث عن ممول لمشروعه إلى أن يتم العمل بشكل مبدئي، وهنا يواجه أصحاب تلك الشركات مشكلة ثقة “المستثمر” أو الممول في الشركة وموافقته أو رفضه للتمويل الذي يكون على أساس مجهودات الشركة وإنجازاتها التي لم تظهر حتى وقت التمويل، فيحتاج ضماناً من الواقع يثبت له كفاءة الشركة واستحقاقها للتمويل، ومن أكبر المشكلات التي تواجه الشركات الناشئة لاتخاذ قروض هي كثرة الضمانات التي يطلبها البنك في مقابل القرض، بجانب الإجراءات الروتينية والاستعلامات الكثيرة، وفي غالبية الأحيان يتجه ملاك تلك الشركات إلى اللجوء للبنوك واتخاذ قروض للبدء، وهي طريقة شائعة لكنها تواجه العديد من الصعوبات وهي زيادة سعر فوائد القرض، التي يجب سدادها في فترة زمنية محددة، لذا تقوم الدولة بتقديم مبادرات تسهم في تقليل سعر الفوائد لمساعدة المشاريع الناشئة.

الفاميلي بزنس

وطرح الصوابي فكرة إيجابية وجيدة للتمويل من وجهة نظره، حيث تتمثل فيما يسمى بـ “الفاميلي بزنس”، قائلا إن “الفاميلي بزنس”، يعني إمكانية استلاف المبلغ المطلوب للبدء من العائلة وهو ما يتميز بعدم وجود فوائد وفترة سداد معينة بشكل آمن، وهناك طريقة أخرى للتمويل، وهي جهاز تنمية المشروعات الذي يعد من أفضل الحلول لأنه يمول المشاريع بنسبة بسيطة أو بشراكة أو بتوفير احتياجات لازمة للمشروع، كما يدخل معها المبادرات التي يطلقها رجال الأعمال للمساهمة في مساعدة المشاريع الناشئة، وهي من الطرق المضمونة للتمويل، وبشكل عام  يؤثر ضعف التمويل في المشروع بشكل أساسي بمعنى اختلاف المكسب في بداية المشروع عنه بعد مرور فترة قصيرة، لكنه استعجال للنتيجة المطلوبة في مدة أقل، وهو ما يدفع للإحباط  وفض المشروع دون الانتظار لتقييم المشروع في فترة قصيرة، وهي أكبر المشاكل التي تواجه الشركات الناشئة بسبب قلة الصبر على نتيجة المشروع وهو ما يؤدي إلى خسائر فادحة، ويجب تدبير مصاريف المشروع وتخصيصها وعدم الاعتماد على المكسب بشكل كلي لسداد تلك المصروفات كالقيمة الإيجارية والمصاريف والمرتبات، ومن أهم المشكلات التي تؤدي للتعثر هو تقليد الإفكار، مما يؤدي للفشل بسبب وجود منافسة شديدة، وتعتبر دراسة الجدوى للمشروع من أهم ما يحفظ ويضمن استمرارية المشروع حتى لا يتعرض للخسارة.

Scroll to Top