المهندس أحمد البقري، هو رائد أعمال مصري، استطاع أن يصنع المستحيل من فكرة بسيطة لكنها ذات أهمية خاصة للسوق والعملاء والتجار، فقد تخرج عام 1994 في كلية الهندسة، جامعة القاهرة، ثم حصل على درجة الماجستير في مجال إدارة الأعمال، وبعد رحلة قصيرة من العمل في مصر، سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليشغل مناصب عديدة في كبرى الشركات العالمية، ورغم أنه حقق نجاحاً باهراً هناك، إلا أنه قرر أن يترك أرض الأحلام ليحقق حلمه في عالم الشركات الناشئة في مصر، وكانت البداية من “فاتورة”، وهو التطبيق الذي بدأه مع آخرين باستثمارات بلغت 200 ألف دولار فقط، قبل أن يقوم ببيعه لإحدى الشركات العالمية بـ45 مليون دولار!..
ما أبرز المحطات في مشوار حياتك العملية؟ وكيف بدأت عملك في مصر قبل أن تسافر إلى أمريكا؟
بعد تخرجي مباشرة في كلية الهندسة، عملت في شركات عالمية، وبالطبع هذا ساعدني في أن أتعلم، وهذه الشركات كبيرة ومهمة فقامت بتعليمي جيدا، وبفضل أدائي الجيد تم ترشيحي للسفر إلى أمريكا للمساعدة بخبراتي في الشركات بالخارج، وكان ذلك وقت الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكان عندي بعض المهارات التي ساعدت الشركات التي عملت بها لتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، وتم ترقيتي للعديد من المناصب، حتى أصبحت واحدا من أفضل 20 قائد شركة على مستوى العالم، وهي شركات تدير أموالا بقيمة 50 مليار دولار في السنة، ثم عملت بشركة “هيرشي” البارزة في صناعة الشوكولاتة، حيث شغلت منصب مدير عام أوروبا وأفريقيا، وكنت أول مصري يشغل هذا المنصب، وكنت مديرا على العديد من الجنسيات مثل الإنجليز والروس والألمان، وهو ما يثبت أن المصريين قادرون دائما على التميز وسط كافة الجنسيات.
عدت إلى مصر بعد مشوار حافل بالتميز في الولايات المتحدة.. كيف اتخذت هذا القرار؟
أنا وصلت لأعلى منصب، يمكن أن يصل إليه شاب مصري كمدير لشركة بالولايات المتحدة، وهو منصب vice president أو نائب الرئيس لشمال أمريكا بشركة “كرافت” بولاية شيكاغو، ثم التحقت بوظيفة general manager لأوروبا وأفريقيا في شركة “هيرشي” الأمريكية للشوكولاتة، ثم شغلت منصب العضو المنتدب لشركة “ماس فود” و”بسكو مصر” لمدة أربع سنوات، ولكن بعد هذا المشوار الطويل ما بين الشركات تركت الوظائف وأحسست أنني يجب أن أعود إلى مصر وأبدأ بها مشروعي الخاص، لاسيما وأن مصر مناخ خصب جدا لريادة الأعمال، كما أنني وجدت أنني حققت كل ما كنت أتمناه في عالم الوظيفة، ومن هنا توجهت إلى مصر وشاركت مع ثلاثة من الشباب وقمنا بعمل تطبيق “فاتورة”.
كيف بدأت في إنشاء مشروع “فاتورة”؟ وما التحديات التي واجهتك في البداية وكيف تغلبت عليها؟
أنا بدأت المشروع مع 3 شباب، وكان الثلاثة متميزين في الأمور التكنولوجية، لكنهم كانوا يحتاجوا لشخص لديه الخبرة في السوق وطرق التعامل مع التجار والمستهلكين لمساعدتهم، وعندما درست فكرة المشروع قررت دعمهم والاستثمار معهم ومساعدتهم في تجميع البيانات الصحيحة وتعيين الأفراد المناسبين في المواقع المناسبة بالشركة، ومن هنا أطلقنا تطبيق “فاتورة” بهذه الطريقة، فهي خليط ما بين خبراتي ومجهود هؤلاء الشباب، وبالطبع ساهمت باختيار فريق العمل الذي ساعد في بناء المشروع وفي خلال سنتين المشروع نجح نجاحا باهرا، لكن فيما بعد شركة “إيه آر جي أي ميس” وهي من أكبر الشركات الاستثمارية في الشرق الأوسط قامت بشراء الشركة مقابل 45 مليون دولار.
وقد تأسست “فاتورة” في عام 2019، حيث تقدم “فاتورة” خدماتها عبر تطبيقها الإلكتروني الخاص بالهواتف الذكية، وتهدف إلى كسر الأسلوب التقليدي في عمل سلاسل التوريد بين تجار الجملة والتجزئة، من خلال توفير تطبيق إلكتروني يمكّن أصحاب متاجر التجزئة في مصر من طلب بضائعهم بسهولة وبسرعة وبأسعار مناسبة من تجار الجملة، مع تقديم فواتير مفصلة ومعلومات كاملة عن كل طلبية، ولن تحتاج “فاتورة” لتقديم خدماتها إلى بناء إيه مستودعات للبضائع، كما لن تكون بحاجة إلى أسطول لتوصيل الطلبيات، بل ستكتفي بربط تجار الجملة مع تجار التجزئة عبر تطبيقها الإلكتروني.
وتهدف “فاتورة” إلى رقمنة سلاسل التوريد بين تجار الجملة والتجزئة، وبناء شبكة منظمة من 200 إلى 250 تاجر جملة في عموم أنحاء مصر وتهدف أيضا من خلال فكرتها لأن تصبح أكبر تاجر جملة إلكتروني في مصر وأفريقيا.
ما أهمية شركة “فاتورة” في السوق المصري؟
كان هدفي أن أربط تجار التجزأة بتجار الجملة، وكانت المشكلة أنه يوجد في مصر أكثر من 15 ألف تاجر جملة وفيها 300 ألف تاجر تجزأة، وحتى يصلوا لبعض كانت هناك مشكلة، فعملنا تطبيق فاتورة حتى يتبادلوا المصالح مع بعضهم، وأنا شغال في مجال الأغذية من 28 سنة، وعندي علاقات جيدة بالسوق المصري، وزرت شركات كثيرة ولذلك قررت توظيف هذه الخبرات في خدمة السوق المصري.
دخلت مع شركائي لعمل “فاتورة” لأن السوق المصري سوق كبير جدا وسوق غير منظم، فكانت الفكرة أن نعمل شركة تربط بين كل تجار التجزأة وتجار الجملة، مما يساعد في توزيع المنتجات، بالإضافة لمساعدة التجار في رؤوس أموالهم عن طريق تسليف بعض التجار غير المقتدرين لبعض الأموال، ليتمكنوا من شراء البضائع، وبالإضافة إلى أن “فاتورة” ساعدت في تنظيم السوق المصري لكثير من التجار وعملت قاعدة بيانات ساعدت على العمل والتمويل بشكل أفضل.
من واقع تجربتك.. كيف يمكن تطوير مجال ريادة الأعمال في مصر؟ وما الحل لمواجهة أزمة التمويل؟
يجب أن يكون لريادة الأعمال قوانين لتشجع الشباب على القيام بمشروعاتهم الخاصة، والتسهيلات البنكية، لأن البنوك لا تعطي تمويلات جيدة إلا عند التأكد من أنني عملت لمدة 3 أعوام، ويجب أن تكون هناك إعفاءات ضريبية في الفترة الأولى من العمل لأنها تكون صعبة على كل الشركات الناشئة، وقد بدأت مصر في العمل على إصدار قوانين لتسهيل العمل على رواد الاعمال المبتدئين.
الفكرة الجديدة أو “الواو” غالبا لا تواجهها مشكلة تمويل، وإنما المشكلة تكمن في بيع الفكرة، أو تسويق الفكرة للمستثمرين، حيث يتم ذلك عن طريق كذا محور وهي الفكرة والخطة والتنفيذ والنتائج التي تم الحصول عليها والقدرة على وجود إجابة لكل أسئلة المستثمر.
هل هناك مشروعات ريادية تفكر في إنشائها الآن بعد نجاح شركة “فاتورة”؟
يوجد مشروع أعمل عليه الآن، سيكون أول براند مصري عالمي، وذلك من خلال مشاركة إحدى الشركات العالمية حيث حصلت على اسم الشركة، من أجل أن أقوم بإعادة تقديمه بشكل مبتكر وفي فئات مختلفة، مثل شركة ” هيرشي” للشيكولاتة وشركة “كرافت” للجبن، وشركة “سيجافريتوا” للقهوة، حيث قررنا أن نتواصل مع هذه الشركات ونتشارك معهم للحصول على المواد الخام.
شركة “هيرشي” على سبيل المثال رقم واحد في أمريكا في صنع الشيكولاتة، وأقوم بأخذ المادة الخام وأصنع منها منتجات أخرى مثل الكوكيز والبسكوت، فبدلا من شرائك للشيكولاتة بسعر عال أقوم بوضع هذه المادة الخام مع مواد أخرى، وتكون النتيجة طعم غني مع بعض الإضافات وبسعر أقل.
ما هي الأفكار أو المجالات التي يمكن أن تحقق النجاح في مجال ريادة الأعمال في مصر؟
البرامج الموجودة حاليا والشركات الجديدة الرائدة تساعد في تنمية حركة ريادة الأعمال بشكل عام، بالإضافة لأي شخص مجتهد ومثابر سيصبح ناجحا وأهم نصيحة ألا لا يستسلم لأنه بطبيعة الحال كل المشاريع الجديدة تواجه مشاكل، فيجب المثابرة حتى إثبات نجاح الفكرة.