هم مجموعة من المهندسين والفنانين التطبيقيين قرروا أن يتركوا مجالات عملهم الأساسية ليتحولوا إلى رواد أعمال، حيث جمعتهم فكرة واحدة كانت في البداية نوعًا من أنواع الخيال أو الطموح الجامح، إلا أن التجربة أثبتت أن النجاح لا يعرف المستحيل وأن الفكرة البسيطة يمكن أن تصنع شركة كبيرة، حيث انطلقوا معًا من فكرة التسجيلات الصوتية، لهذا خرج مشروعهم the potcastإلى النور قبل نحو 4 سنوات، ومع الوقت نجح المشروع في جذب الكثير من المستمعين الباحثين عن محتوى جاد وحقيقي وسط زحام السوشيال ميديا.. كانفاس قررت أن تلقي الضوء على هذه التجربة الناجحة، وذلك من خلال اللقاء بالمهندس إسلام مؤسس المشروع وصاحب الفكرة، فكان هذا الحوار.
في البداية كيف جاءتك فكرة مشروع “the potcast” ؟
كنت أعمل مهندس بترول، وكنت أسافر كثيرا، وخلال السفر أحب أن أشاهد الأفلام، وفي الحقيقة أنا ومروة صديقان منذ مدة طويلة، وفي أثناء إحدى السفريات بينما كنت أبحث عن شيء أسمعه أو أتسلى به تعرفت على عالم (the potcast)، حيث أرسل لي صديقي حلقة لبرنامج potcast اسمه (سيريا) وكانت أول مرة بالنسبة لي أن أستمع لهذا اللون من البرامج، والحقيقة كان مسليا جدا، ومن هذه اللحظة فكرت في أن يكون لدينا مشروعنا الخاص potcast show، وتولت مروة مهمة التعليق على على الحلقات، وبدأ الموضوع يكبر، وتملك مروة خبرة كبيرة في هذا المجال، وكانت تريد أن تكون المعلقة الصوتية للحلقات، ومع الوقت بدأت الفكرة تنجح وتنتشر، فاستقلت من عملي كمهندس بترول حتى أركز في هذا المجال، والفكرة كانت موجودة من صيف 2019، لكننا أطلقناها في فبراير 2020 وتركت عملي بمجال البترول في مارس 2020 وأول حلقة تم إذاعتها في يوليو 2020.
ما التحديات أو الصعوبات التي واجهتك أثناء البدء في مشروعكم؟
في البداية، كانت هناك عدة تحديات. بالطبع، كانت المشكلة الأولى هي عدم توفر الموارد المالية والدعم المالي في المرحلة الأولى. لم يكن لدينا ميزانية، ولا رعاة، وهذا كان يعني أننا كنا نعمل بشكل تطوعي. في الواقع، لم يكن هناك أي شخص يفهم فكرة “البودكاست”. لذلك، كان من الصعب جذب الناس للاستماع إليه أو جلب معلنين لتمويله. وكانت مسألة تسويق البودكاست وبناء جمهور له تحديًا كبيرًا. لم يكن هناك أي شيء من هذا القبيل في البداية، لكن كانت الأمور تتحسن تدريجياً.
ما هي الفئة العمرية التي كانت هدفكم من البداية؟ وكيف أصبح جمهوركم مع الوقت؟
عندما قررنا البدء في مشروعنا، كنا نستهدف فئة معينة من الجمهور، وهي تلك التي تهتم بمواضيع مثل الأدب والثقافة. فكرة البرنامج كانت تتمحور حول المناقشات الثقافية والأسئلة الفلسفية، وكان لدينا جمهور محدد في الأذهان ونحن نستهدفه. وكانت فئة الشباب المهتمة بالأدب والثقافة هي المستهدفة. كنا نرغب في حشد أشخاص يشتركون في رؤيتنا ويفكرون بطرق مشابهة لنا. لكن مع تطور الشركة وتوسعها، بدأنا في استهداف جمهور أوسع. لقد بدأنا في جذب جمهور متنوع من مختلف الفئات العمرية. في البداية، كان الجمهور يتراوح في العمر بين العشرين والثلاثين عامًا، ومع مرور الوقت، بدأنا في جذب جمهور أصغر وأكبر أيضًا. وهناك فكرة أخرى ترتبط بتوجيه المحتوى لهذه الفئة العمرية الأصغر وهي تشكيل مواعيد استماعهم. من خلال منصات التواصل الاجتماعي، يمكن للشباب ترتيب جدولهم الزمني واختيار المحتوى الذي يرونه ويستمعون إليه. لكن “مايك بودكاست” هو منصة جديدة، حيث كان هناك التليفزيون والراديو في الماضي، وكان الجميع يتابعون برامج محددة في مواعيد محددة. ثم دخلت خدمات البث مثل Netflix وغيرها، وبدأ الناس في مشاهدة محتواهم حسب رغبتهم ولا يلتزمون بمواعيد محددة. لذا، فإن استهداف الفئة العمرية الأصغر يتطلب توفير محتوى يناسب جداولهم الزمنية وتفضيلاتهم.
كيف نجحتم في جذب المستمعين للبودكاست من خلال السوشيال ميديا؟
نحن نسعى للتأثير على الجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وما نقدمه. على سبيل المثال، من خلال البودكاست الذي نقدمه، نحاول أن نلفت انتباه الناس ونثير اهتمامهم بمحتوانا. نحن نعتقد أن إضافة قيمة معرفية وثقافية هي عامل مهم يمكن أن يؤثر إيجابيًا على الأفراد. على سبيل المثال، لدينا عروض كوميدية قوية ومشوقة، ونحاول أن نؤثر على الأشخاص بشكل إيجابي من خلال الكوميديا. ونعتبر أنه من الرائع أن يشعر الناس بالسعادة والتسلية عندما يستمعون إلينا، وهذا يتضح من ردود الفعل الإيجابية التي نتلقاها على صفحاتنا على فيسبوك وجروبات الواتساب. فهم يشكروننا على أننا نكون جزءًا من يومهم، سواء كانوا يستمعون إلينا أثناء التنقل أو أثناء الدراسة أو في أوقات أخرى. ويعتبر البودكاست أداة قوية تمنح الشعور بالانتماء والقرب، حيث أننا نكون بجوار الشخص ونتفاعل معه. ويمكن أن يشعر الشخص بأنه يجلس بجانبنا ونحن نتحدث، سواء كنا نقدم قصة مرعبة لكنها توفر التسلية وتشتت الانتباه عن المشاكل اليومية، أو إذا كان المحتوى يتضمن نصائح واستشارات في مجال علم النفس أو الصحة النفسية ويوفر نصائح عملية. وليس من الضروري أن يحتوي العرض على نصيحة محددة، ولكن يمكننا أن نكون إضافة للأفراد من خلال تقديم محتوى جيد يقدم لهم فائدة.
من واقع تجربتك.. بماذا تنصح صناع المحتوى؟
بالطبع، يمكننا تقديم بعض النصائح المستندة إلى تجربتنا في إنتاج المحتوى. يوجد الكثير من إنتاج المحتوى من حولنا، ولكن البودكاست هو وسيلة فعالة توفر محتوى متنوعًا من قصص ومرح وأشياء أخرى، ويمكن أن تتضمن أيضًا نصائح قيمة. ولا يوجد نصيحة واحدة أساسية في رأيي، ولكن أعتقد أن الاستمرارية هي العنصر الأساسي للنجاح. فهناك حقًا أشخاص موهوبون وماهرون بدون شك، لكن من دون الاستمرار والعمل المستمر، فإنه من الصعب تحقيق شيء. ونحن نتعاون مع العديد من الأشخاص الذين يتمتعون بمواهب قوية ومهارات ممتازة، ويكونون على استعداد دائم للمواصلة والعمل. لا تكون الشغف والاستمرارية مشكلة بالنسبة لهم، بل يتعاملون معهما بطريقة إيجابية. دائمًا يكون من الجميل أن يكون لديك رؤية إيجابية للحياة، حيث أنني دائمًا أتعلم وأحاول أن يكون لدي من يوجهني بطريقة جيدة وأرى كيف يمكنني تحسين المحتوى الذي أقدمه. يوجد أشخاص كثيرون يتلقون ملاحظات بناءة وقد يكون من الصعب عليهم أن يقبلوا الانتقادات أو ما شابه ذلك، ولكن دائمًا يكون من الجيد أن يكون لديك رؤية جيدة للحياة وأن تكون مستعدًا لاستيعاب ملاحظات من الآخرين بطريقة إيجابية. بالتأكيد، يمكن تحسين المحتوى الذي أقدمه من خلال الاستمرارية، وأتمنى ذلك بالتأكيد.
لماذا تركت مجال هندسة البترول واتجهت إلى ريادة الأعمال؟
أنا سعيد جدًا بما تعلمته في مجال الهندسة وكيف أنه ساهم في حياتي بشكل كبير. ولكني جدت طريقة تفكيري وطريقة تعاملي مع العمل والناس تحسنت بشكل كبير بعدما اتجهت لريادة الأعمال. وكانت لدي معرفة قوية بالمواضيع التي تعلمتها كمهندس، وأنا لدي أفكار وأهداف كبيرة، وأعلم أن هذا ليس سهلاً، لكن الشجاعة أن أجتهد حتى أحقق النجاح.
ما هي طموحاتك بالنسبة للمشروع؟
أحلم بأن نصبح أكبر منصة صوتية عربية في العالم. فنحن نسعى لتوسيع نطاقنا وأن نكون الأقوى في مصر، وبعدها في العالم العربي. ونود أن نقدم برامج متنوعة باللهجات المصرية والسعودية، وأن يتمكن الجميع من الاستماع إلى اللغة العربية بشكل عام. ويتعلق الأمر بمحتوى الصوت بشكل خاص، وأتوقع أن يستمر الطلب على هذا النوع من المحتوى في الزيادة مع مرور الوقت. كما سيزداد الطلب على المحتوى الصوتي بلغات مختلفة، والعربية هي الأهم بالنسبة لنا، ومع ذلك، هناك نقص في المحتوى القوي والبرامج المتنوعة. ونحن تقريبًا الوحيدون في مصر الذين يقدمون ذلك، ولكن هناك بعض المحتوى باللغة الإنجليزية، ولدينا بعض الأعمال الشعرية، ومع ذلك، يركز اهتمامنا الأساسي على اللغة العربية. مع مرور الوقت، ستستمر الصناعة في النمو وزيادة عدد المستمعين، وعادةً ما تكون البرامج محدودة. لذا، نحتاج إلى المزيد من الشركات والمبادرات التي تقوم بإنتاج برامج متنوعة تلبي احتياجات الجمهور.
لماذا اخترتم هذا النوع من المحتوى المسموع في ظل سيطرة المحتوى المرئي؟
البودكاست هو وسيلة مستقبلية، وتتيح لنا بسهولة إنشاء وبث المحتوى الصوتي عبر الإنترنت. ونحن قررنا تقديم البودكاست حوالي خمسة أشهر تقريبًا، وقمنا بإنتاج العديد من الحلقات والمقابلات، وتعلمنا الكثير منها. لقد حققت نجاحًا كبيرًا، وتفاعل الجمهور معنا بشكل قوي، ونحن نشعر بالفخر لما وصلنا إليه حتى الآن. وقد اعتقدنا أنها خطوة بسيطة وفعالة لتحقيق التغطية الواسعة وتحقيق النجاح المستدام في مجال الإعلام. وقمنا ببث حلقاتنا بشكل منتظم مرتين في الأسبوع، وتمكنا من تقديم محتوى متنوع وشيق. لقد استمتعنا بالعمل على هذا المشروع وأدركنا أنه يتطلب الكثير من الجهد والتفاني. ببساطة، اخترنا البودكاست لأننا رأينا فيه فرصة لتحقيق هدفنا والوصول إلى جمهور أوسع وتلبية احتياجاتهم في عالم الترفيه والمعرفة.
ما هي تجربتكم في برنامج شارك تانك؟
مشاركتنا في “شارك تانك” كانت تجربة جميلة ومتعبة جدا، لقد تقدمنا للبرنامج في شهر مايو 2023، وعملنا مقابلات ومررنا بخطوات كثيرة جدًا حتى أعلنوا أنهم قبلونا للمشاركة بالبرنامج، وقد تعلمنا من هذه التجربة الكثير من الدروس، كما أن المشاركة وضعتنا في مكان آخر، وفرقت معنا كثيرًا بعد عرض الحلقة والحقيقة أننا لازلنا نستفيد من المشاركة.
بعض عروضكم نجحت في جذب الكثير من المستمعين وهناك عروض أخرى لم تحقق ذلك.. ما السبب؟
ليس شرطا أن يكون كل عرض ناجحًا بنفس درجة بقية العروض الأخرى، فهناك تنوع كبير، وليس شرطا أن يكون كل “شو” رنانًا، وكل عرض نقدمه يحظى بمتابعة الكثيرين ويجذب الجمهور تدريجيا. والحمد لله، كل عروضنا من فئة الـ”توب بيرفورمينج”.
كيف تحول المشروع إلى شركة؟ وكيف تديرون الأمور؟
نحن في النهاية صنعنا المحتوى، ولكننا حولنا صناعة المحتوى إلى عمل تجاري. وأعتقد أنه منذ البداية كان في أذهاننا أن هذا ليس مشروعا لمجرد إشباع الشغف فقط، إنه شيء نحن شغوفون به ولكننا بحاجة لتحويله إلى عمل تجاري. بالطبع كان هناك العديد من العقبات والتحديات، لكننا كان علينا أن نستمر في التغلب عليها خطوة بخطوة. وأعتقد أن هذا كان الشيء الذي يجب أن يكون موجودًا دائمًا، الشغف بالنتيجة النهائية، وقد قمنا بتشكيل فريق عمل متميز من الأشخاص الموهوبين والمتحمسين، وتم تعيين إدارة فعالة لتنظيم العمل واتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتعتمد إدارتنا على مبادئ القيادة الحديثة والتوجيه الاستراتيجي. ونحن نركز على تطوير المنتجات والخدمات ذات الجودة العالية التي تلبي احتياجات العملاء وتفوق توقعاتهم. كما نعتمد أيضًا على الابتكار والتكنولوجيا للحفاظ على تنافسيتنا في سوق الأعمال، واستطعنا بناء سمعة قوية كرواد أعمال في صناعة المحتوى وحصدنا العديد من النجاحات والإنجازات. ومع ذلك، ندرك أن النجاح يتطلب الاستمرار في التطور والتعلم والتكيف مع التغيرات في السوق. وهذه هي بعض الأفكار العامة حول كيفية تحويلنا من مهندسين أو فنانين تطبيقيين إلى رواد أعمال وكيفية إدارة الشركة. قد تختلف التجارب والاستراتيجيات من شركة إلى أخرى، ولكن هذه هي المبادئ العامة التي نتبعها.